فصل: المصاف الاول بين بركيارق ومحمد ومقتل كوهراس وهزيمة بركيارق والخطبة لمحمد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.المصاف الاول بين بركيارق ومحمد ومقتل كوهراس وهزيمة بركيارق والخطبة لمحمد.

ثم سار بركيارق من بغداد لحرب أخيه محمد ومر بشهرزور فاجتمع إليه عسكر كثير من التركمان وكاتب رئيس همدان يستحثه فركب وسار للقاء أخيه على فراسخ من همذان في أول رجب من سنة ثلاث وتسعين وفي ميمنته كوهراس وعز الدولة بن صدقة بن مزيد وسرحاب ابن بدر وفي مسيرته كربوقا وفي ميمنته محمد ابن اضر وابنه ايار وفي مسيرته مؤيد الملك والنظامية ومعه في القلب أمير سرخو شحنة اصبهان فحمل كوهراس من الميمنة على مؤيد الملك والنظامية فهزمهم وانتهى إلى خيامهم فنهبها وحملت ميمنة محمد على ميسرة بركيارق فانهزموا وحمل محمد على بركيارق فهزمه ووقف محمد مكنه وعاد كوهراس من طلب المنهزمين فكبا به فرسه فقتل وجىء بالاغر أبي المحاسن يوسف وزير بركيارق أسيرا فأكرمه مؤيد الملك ونصب له خيمة وبعثه إلى بغداد في الخطبة لمحمد فخطب له منتصف رجب من السنة وكانت أولية سعد الدولة كوهراس أنه كان خادما للملك أبي كلينجار بن بويه وجعله في خدمة ابنه أبي نصر ولما حبسه طغرلبك مضى معه إلى قلعة طغرل فلما مات انتقل إلى خدمة السلطان البارسلان وترقى عنده وأقطعه واسط وجعله شحنة بغداد وحضر يوم قتله فوقاه بنفسه ثم أرسله مالك شاه إلى بغداد في الخطبة وجاء بالخلع والتقليد وحصل له من نفوذ الأمر واتباع الناس ما لم يحصل لغيره إلى أن قتل في هذه المعركة وولى شحنة بغداد بعده ايلغازي بن أرتق.

.مسير بركيارق خراسان وانهزامه من أخيه سنجر ومقتل الأمير داود حبشي أمير خراسان.

لما انهزم بركيارق من أخيه محمد خلص في الفل إلى الري واجتمع له جموع من شيعته فسار إلى خراسان وانتهى إلى اسفراين وكتب الأمير داود جبشي إلى التونطاق يستدعيه من الدامغان وكان أميرا على معظم خراسان وعلى طبرستان وجرجان فأشار بالمقام بنيسابور فقصدها وقبض على عميدها أبي محمد وأبي القاسم بن امام الحرمين ومات أبو القاسم في محبسه مسموما ثم زحف سنجر إلى الأمير داود فبعث إلى بركيارق يستدعيه لنجدته فسار إليه والتقى الفريقان بظاهر بوشنج وفي ميمنة سنجر الأمير برغش وفي ميسرته الأمير كوكر ومعه في القلب الأمير رستم فحمل بركيارق على رسم فقتله وانقض الناس على سنجر وكاد ينهزم وأخذ بركيارق أم سنجر أسيرة وشغل أصحاب بركيارق بالنهب فحمل عليهم برغش وكوكر فانهزموا واستمرت الهزيمة على بركيارق وهرب الأمير داود فجىء به إلى برغش أسيرا فقتله وسار بركيارق إلى جرجان ثم إلى الدامغان ودخل البرية ثم استدعاه أهل اصبهان وجاءه جماعة من الأمراء منهم جاول سقاوو وسبقه محمد إلى اصبهان فعدل عنها إلى عسكر مكرم.

.المصاف الثاني بين بركيارق ومحمد وهزيمة محمد وقتل وزيره مؤيد الملك والخطبة لبركيارق.

لما انهزم بركيارق أمام سنجر سنة ثلاث وتسعين وسار إلى اصبهان فوجد أخاه محمدا قد سبقه إليها فعدل عنها إلى خوزستان ونزل إلى عسكر مكرم عليه هناك الأميران زنكي والبكي ابنا برسق سنة أربع وتسعين وساروا معه إلى همذان وهرب إليه الأمير اياز في خمسة آلاف من عسكر محمد لان صاحب اميرا ضر مات في تلك الأيام وظنوا أن مؤيد الملك دس عليه وزيره فسمه وكان اياز في جملة أمير اضر فقتل الوزير المتهم ولحق بركيارق ثم وصل إليه سرحاب بن كنجر وصاحباه فاجتمع له نحو من خمسين ألف فارس ولقبه محمد في خمسة عشر ألفا واستأمن أكثرهم إلى بركيارق يوم أول جمادي الأخيرة سنة أربع وتسعين واستولت الهزيمة على محمد وجىء بمؤيد الملك أسيرا فوبخه ثم قتله بيده لأنه كان سيء السيرة مع الأمراء كثير الحيل في تدبير الملك ثم بعث الاغر أبو المحاسن وزير بركيارق أبا إبراهيم الاستراباذي لاستقصاء أحوال مؤيد الملك وذخائره ببغداد فحمل منها ما لا يسعه الوصف يقال إنه وجد في ذخائره ببلاد العجم قطعة بلخش زنتها أربعون مثقالا واستوزر محمد بعده خطيب الملك أبا منصور محمد بن الحسين ثم سار السلطان بركيارق إلى الري ووفد عليه هنالك كربوقا صاحب الموصل ودبيس بن صدقة وأبوه يومئذ صاحب الحلة وسار السلطان قافلا إلى جرجان وبعث إلى أخيه سنجر يستجديه فبعث إليه ما أقامه ثم طلبه في المدد فسار إليه سنجر من خراسان ثم سارا جميعا إلى الدامغان فخرباها وسار إلى الري واجتمعت عليه النظامية وغيرهم فكثرت جموعهم وكان بركيارق بعد الظفر قد فرق عساكره لضيق الميرة ورجع دبيس بن صدقة إلى أبيه وخرج باذربيجان داود بن إسماعيل ابن ياقوتي فبعث لقتاله قوام الدولة كربوقا في عشرة آلاف واستأذنه اياز في المسير إلى ولايته بهمدان ويعود بعد الفطر فبقي في قلة من العساكر فلما بلغه قرب أخيه محمد وسنجر اضطرب حاله وسار إلى همذان ليجتمع مع اياز فبلغه أنه قد راسل أخاه محمدا وأطاعه فعاد إلى خوزستان ولما انتهى إلى تستر استدعى ابن برسق وكان من جملة اياز فلم يحضر وتأخر فامنه فسار نحو العراق فلما بلغ حلوان لحق به اياز وكان راسل محمدا فلم يقبله وبعث عساكره إلى همدان فلحق بهمدان اياز وأخذ محمد محلة اياز بهمدان وكانت كثيرا من كل صنف وصودر أصحابه بهمدان بمائة ألف دينار وسار بركيارق واياز إلى بغداد فدخلها منتصف ذي العقدة من سنة أربع وتسعين وطلب من الخليفة المال للنفقة فبعث إليه بعد المراجعة بخمسين ألف دينار وعاث أصحاب بركيارق في أموال الناس وضجروا منه ووفد عليه أبو محمد عبد الله بن منصور المعروف بابن المصلحية قاضي جبلة من سواحل الشام منهزما من الافرنج بأموال جليلة المقدار فأخدها بركيارق منه وقد تقدم خبر ابن المصلحية في دولة العباسيين ثم بعث وزير بركيارق الاغر بالمحاسن إلى صدقة بن مزيد صاحب الحلة في ألف ألف دينار يزعم أنها تخلفت عنده من ضمان البلاد وتهدده عليها فخرج عن طاعة بركيارق وخطب لمحمد أخيه وبعث بركيارق في الحضور والتجاوز عن ذلك وضمن له اياز جميع مطالبه فأبى إلا أن يدفع الوزير واستمر على عصيانه وطرد عامل بركيارق عن الكوفة واستضافها إليه.